Back to top
15 يوليو / تموز 2016

الاضطهاد المنهجي للمدافعين عن حقوق الإنسان في الخليج

بمناسبة الاجتماع الأوروبي-الخليجي الذي سيعقد في بروكسل 19 يوليو، تعرب فرونت لاين ديفندرز عن قلقها إزاء الاعتداءات المنهجية على المدافعين عن حقوق الإنسان في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. لقد حاولت حكومات المنطقة القضاء على أي صوت للمعارضين السلميين من خلال الحملة الأخيرة على المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، وخاصة في البحرين، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية (السعودية).

وقد قوبلت المظاهرات السلمية العارمة ضد الانتهاكات التي ترتكبها هذه الدول بعمليات اعتقال واحتجاز تعسفي بمعزل عن العالم الخارجي، والإبعاد والمحاكمات الجائرة والأحكام القاسية. وكشفت التقارير عن معاناة المدافعين عن حقوق الإنسان في الاعتقال من سوء المعاملة والتعذيب، وسوء التغذية، والحرمان من حق الزيارة العائلية، وحق الوصول إلى المحامين. وأضحى المدافعون عن حقوق الإنسان يعملون في ظل إجراءات أمنية أكثر تقييدا في دول الخليج، وذلك منذ توقيع الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض بتأريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، والتي تركز على تبادل المعلومات بين هذه الدول، والتحقيق في شأن من ينتهكون القانون، الأمر الذي يؤدي إلى استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان وجميع مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.

وبلغت انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين مؤخراً مستويات غير مسبوقة. فقد أعيد اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب في 13 يونيو/حزيران 2016 بعد أن كان قد قضى ستة أشهر في السجن ثم خرج بموجب عفو ملكي في يوليو/حزيران 2015. في 12 يونيو/حزيران 2016، حيث انعقاد مجلس حقوق الإنسان، أقدمت قوات الأمن بمطار البحرين الدولي على منع ثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان، هم؛ حسين الراضي وابتسام الصائغ وإبراهيم الدمستاني من السفر إلى جنيف لحضور مجلس حقوق الإنسان والمشاركة في لقاء جانبي حول حالة حقوق الإنسان في البحرين. وتمت إدانة ناجي فتيل في مايو/أيار 2013 بعقوبة قاسية هي خمس عشرة سنة سجن بموجب قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل بتهمة "إنشاء جماعة إرهابية". وحكمت السلطات البحرينية علي الدكتور سعيد السماهيجي بالسجن لمدة سنة واحدة في أبريل/نيسان 2016 أيضا بتهمة إهانة المملكة العربية (السعودية) والدعوة للمشاركة في احتجاجات سلمية. زينب الخواجة، بعد أن قضت أكثر من ثلاثة أشهر في السجن مع طفلها ذي العام الواحد، أفرج عنها في يونيو/حزيران 2016 وأُضطُرَّت للفرار من البحرين خوفا من اعتقالها من جديد وقضاء حكمٍ بالسجن لمدة اربع سنوات. كما حُكم على المدونة والكاتبة غادة جمشير في مايو/أيار 2015 بالسجن لمدة سنة واحدة مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات، بسبب ما نشرته في وسائل التواصل الاجتماعي حول حالات الفساد في البحرين. ولايزال مؤسس ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة يقضي عقوبة سجن مؤبّد لتصدره الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية خلال الانتفاضة البحرينية في عام 2011.

وكانت المحاكمة الجماعية الإماراتية الجائرة لمجموعة 94 والتي بدأت في مارس/آذار 2013 محاولة للقضاء على المعارضين بعد دعوة احتجاج طالبت بالإصلاح الحكومي، مما أسفرت عن سجن عدد كبير من المدافعين عن حقوق الإنسان الذي شاركوا في تلك الاحتجاجات السلمية، بمن فيهم المحامي محمد الركن الذي حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات في يوليو/حزيران 2013. وناصر بن غيث لا يزال رهن الاحتجاز في مكان مجهول في الإمارات منذ اعتقاله في أغسطس/آب 2015 وحرمانه من الاتصال بمحاميه أوعائلته.

وأما في المملكة العربية (السعودية)، فلا يزال المدافعون عن حقوق الإنسان يقبعون في السجون تحت ظروف قاسية وذلك لدفاعهم عن حرية التعبير. ومن بينهم رائف بدوي المتهم بالردة وإهانة دين الدولة، والمحكوم في مايو/أيار 2014 بعشر سنوات سجن، و ألف جلدة، وغرامة مالية قدرها مليون ريال سعودي (حوالي 266,616 دولارا أمريكيا)، وحظرٌ على استخدام شبكة الإنترنت، مع منعٍ من السفر لمدة عشر سنوات أخرى. ومنذ يوليو/أيار 2014، و وليد أبو الخير يقضي عقوبة سجن لخمس عشرة سنة لعدة تهم من بينها "السعي لإسقاط الدولة وسلطة (الملك)". ومنذ مارس/آذار 2013، يقضي محمد فهد القحطاني، عقوبة سجين لعشر سنوات لإحدى عشرة تهمة تتعلق بنشاطه في مجال حقوق الإنسان. كما ويقضي الكاتب فاضل مكي المناسف، منذ أبريل/نيسان 2014، عقوبة سجن لأربع عشرة سنة، على أن يتبعها حظرا للسفر لأربع عشرة سنة تليها. ولاتزال مواطنة (سعودية) ناشطة في مجال حقوق الإنسان تتعرض باستمرار للمضايقة، وهي سمر بدوي التي تحدت السلطات المقاومة للتغيير عبر قيامها بمحاولة تسجيل للتصويت وقيادة سيارتها، ولاتزال تتعرض باستمرار للاستدعاء والاستجواب لعملها في مجال حقوق الإنسان، ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2014 وهي محظورة عن السفر.

بعد اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح الحكومي ووضع حد للفساد في عُمان، في فبراير/شباط 2011، إعتقل المدافع عن حقوق الإنسان والمدون سعيد جداد وحكم عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بالسجن لمدة سنة واحدة، ومنع من نشر كتاباته في الصحف العمانية. وهو يعاني حاليا من ألم حاد في القلب مع إعياء بسبب مرض كامن في القلب، وقد فشلت سلطات السجون في توفير الرعاية الطبية المناسبة له. كما وتم اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان والشاعر عبد الله حبيب بمعزل عن العالم الخارجي لمدة عشرين يوما دون الوصول إلى عائلته ومحاميه، وأفرج عنه في 4 مايو/أيار 2016. وفي فبراير/شباط 2016، حكم على المدون والمدافع عن حقوق الإنسان حسن البشام بعقوبة سجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة "استخدام الإنترنت في ما من شأنه الإضرار بالقيم الدينية".

كما ويقلق فرونت لاين ديفندرز أيضا استهداف ومضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان في الكويت، خصيصا من يدافع منهم عن حقوق فئة البدون التي تعرضت للتمييز المؤسسي والحرمان من الجنسية الكويتية. وقد تم سجن المدافع عن حقوق الإنسان السيد عبد الحكيم الفضلي -أحد أفراد فئة البدون، بعد إلقاء القبض عليه في 18 أبريل/نيسان 2016، فأيدت محكمة النقض حكما بسجنه لمدة عام واحد مع الأشغال ثم الترحيل مع خمسة نشطاء آخرين من نفس فئة البدون بعد انتهاء فترة السجن. وفي 14 يونيو/حزيران 2016، أصدرت لجنة من الخبراء في محكمة النقض التي أعادت النظر في القضية أمراً بتعليق عقوبته، ومع ذلك لا يزال مسجونا لمدة ثلاثة أشهر أخرى لتهمة سابقة.

تدعو فرونتُ لاين ديفندرز الاتحادَ الأوروبي إلى حث الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لأعطاء الأولوية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وبالتالي إلى:

  • مراجعة وإسقاط الإدنات الصادرة بحق جميع المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين حُكموا بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان وما زالوا رهن الاحتجاز، والإفراج عنهم جميعاً؛
  • ضمان أن يكون جميع المدافعين عن حقوق الإنسان -وفي جميع الأحوال- قادرون على القيام بعملهم المشروع في مجال حقوق الإنسان دون خوف من انتقام وبدون أي قيود، بما فيها المضايقة القضائية، وضمان الاحترام الكامل لإعلان الأمم المتحدة بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان؛
  • مراجعة التشريعات التي تحكم الجمعيات لضمان تأسيس وممارسة حرة ومستقلة لمنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك حقهم في الحصول على التمويل المحلي والأجنبي؛
  • اتخاذ تدابير عاجلة لوضع حد للاعتقال والاحتجاز وكذلك المضايقة القضائية للمدافعين عن حقوق الإنسان، ورفع حظر السفر المفروض عليهم؛
  • الاعتراف العلني بالدور الإيجابي والشرعي الذي يقوم به المدافعون عن حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي؛ و
  • النظر في القيود الشديدة المفروضة على حقوق الإنسان التي تفرضها الحكومات في تلك المنطقة، وترى فرونت لاين ديفندرز أنه من الضروري على الاتحاد الأوروبي القيام بتنفيذ دقيق لعملية تقييم الآثار المترتبة على أوضاع حقوق الإنسان من اتفاقية التجارة الحرة المرتقبة التي هي قيد التفاوض بين الطرفين منذ عام 1990، ومنها مسألة المدافعين عن حقوق الإنسان، مع معايير ربط التحرر التدريجي للتجارة بالتحسينات في مجال حقوق الإنسان.