
محمد حالي
The annual Front Line Defenders Award for Human Rights Defenders at Risk was established in 2005 to honour the work of HRDs who are courageously making outstanding contributions to the promotion and protection of the human rights of others, often at great personal risk to themselves.
"The forgotten experiences of the Sahrawi struggle are a source of true inspiration, a candle that illuminates the dark and perilous tunnel of our march.”
امحمد حالي هو مدافع صحراوي عن حقوق الإنسان يعيش ويعمل في الأراضي المحتلة من الصحراء الغربية.
أن تكون مدافعًا/ةً عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية يعني أنك اخترت حياة مليئة بالمخاطر والصعوبات، والتي تمتد إلى عائلتك. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل الآلام والصعوبات والمخاطر، يرى امحمد حالي أن إنسانية هذا العمل تجعله وآخرين قادرين على تحمل هذه الصعوبات.
في عام 1975، ضمّ المغرب إقليم الصحراء الغربية عبر غزو عسكري. ومنذ ذلك الحين، يعيش الصحراويون والصحراويات تحت حكم قمعي في أراضيهم، ويتعرضون للتمييز والعنف والقيود الصارمة على حقوقهم المدنية والسياسية، والتي غالبًا ما تُشبَّه بالفصل العنصري.
يُعدّ هذا المجال بالغ الخطورة بالنسبة للمدافعين/ات عن حقوق الإنسان، إذ يواجه كل من يُعبّر عن رأيه في الاحتلال رد فعلٍ عنيفٍ فوري.
يقول امحمد إن أهم ما في عمله هو رؤية الابتسامة على وجوه ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وعائلاتهم. عندها يشعر بالأثر العميق لعمله في مجال حقوق الإنسان. عندها يشعر بأنه قد أدّى واجبه تجاه شعبه، لأنهم يستحقون العيش بكرامة.
في عالمٍ أصبحت فيه المعلومات في متناول أيدينا، يُدرك محمد قوة إيصال قصص الناس، وكيف يُمكن أن يُلهمنا ويُحفّزنا على مواصلة العمل من أجل مستقبلٍ أفضل حتى في أحلك الأوقات. يقول إن "التجارب المنسية للنضال الصحراوي مصدر إلهام حقيقي، وشموع تُنير نفق مسيرتنا المظلم والمحفوف بالمخاطر".
يعتبر امحمد نفسه والمنظمة التي يُديرها منارةً للسجناء والسجينات السياسيين/ات الصحراويين/ات.
ترصد رابطة حماية السجناء الصحراويين بالسجون المغربية أوضاع السجناء والسجينات السياسيين/ات الصحراويين/ات وتُبلغ عنها وتتابعها. تُرافق الجمعية، بقيادة امحمد، النشطاء والناشطات المعتقلين/ات من المراحل الأولى للاعتقال حتى إطلاق سراحهم، وتُتابع محاكماتهم، وتُنسّق مع المحامين والمراقبين الدوليين، كما تُراقب الأوضاع داخل السجون وتُبلغ عنها.
عندما تشعر عائلات هؤلاء السجناء السياسيين بالقلق، يُقدّم هو وزملاؤه الدعم والمواساة لهم، مُزوّدين إياهم بمعلوماتٍ كانوا في أمسّ الحاجة إليها عن أحبائهم. منذ تأسيسها، كان عمل الجمعية لا يُقدّر بثمن في تسليط الضوء على وضع السجناء السياسيين الصحراويين على الساحة الدولية.
يُشيد امحمد بهذا الإنجاز كأحد أهم نجاحات عمله. علاوة على ذلك، يرى أن الوعي الدولي المتزايد بالوضع الذي لا يلقى تغطية كافية في الصحراء الغربية يُعدّ من أكبر انتصارات عمله وعمل جمعيته.
عمل امحمد مع رفاق آخرين للاستفادة من الآليات الدولية لحقوق الإنسان الهادفة إلى تعزيز مناصرة الضحايا والقضية الصحراوية. ويشمل ذلك تقديم شكاوى إلى المقررين الخاصين للأمم المتحدة، وصياغة العديد من تقارير الاستعراض الدوري الشامل، والتفاعل مع المنظمات الدولية، مما يُسهم في نشر رسالة القضية الصحراوية.
تتعدد تحديات المدافعين/ات عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة، بدءًا من الاعتقال والاختطاف والهجمات العنيفة والملاحقة القانونية والتشهير والقيود الاقتصادية، وغيرها.
للأسف، كانت تكلفة عمل امحمد حالي في مجال حقوق الإنسان باهظة. فقد احتُجز عدة مرات في مراكز الشرطة المغربية. ومع ذلك، في عام 2007، وَكردِّ فعل على نشاطه الطلابي وعمله الحقوقي مع الجمعية، اختفى قسرًا على يد أجهزة المخابرات المغربية، واحتجز لمدة ثمانية أيام دون محاكمة - وهي واحدة من أطول فترات الاختفاء القسري لصحراويٍ. وتعرض لأنواع قاسية من التعذيب، ولا تزال ذكرياته المروعة عالقة في ذهنه حتى الآن.
كما تعرّض للعنف مرات عديدة. فالاحتجاج السلمي محظور في الأراضي المحتلة، ونتيجة لذلك، يتعرض الصحراويون والصحراويات، عندما يتظاهرون، لعنف شديد أدّى في بعض الحالات إلى إصابات تهدّد حياتهم وحتى الموت.
تعرّض امحمد لهجمات عنيفة تهدد حياته بهدف إسكاته. ففي مناسبتين، في عامي 2009 و2012، اعتدت عليه مجموعات من المهاجمين الملثمين بالضرب بأدوات حادة، وهددوا بإغلاق منظمته إذا لم يتوقف عن عمله في مجال حقوق الإنسان ونشاطه الطلابي. أثناء دراسته في الرباط، تعرض لاعتداء آخر أمام السكن الجامعي، مما أسفر عن إصابته بجروح بالغة.
مؤخرًا، في عام 2019، تقدم امحمد حالي بطلب واجتاز امتحان مزاولة مهنة المحاماة. ورغم استيفائه جميع الشروط، رفضت هيئة محاميي باكادير طلبه، مُدّعيةً تلقيها تقريرًا سريًا من الأجهزة الأمنية المغربية يُفيد بأنه ناشط معروف مناهض للعسكر. طعن امحمد حالي في هذا الأمر أمام المحكمة، التي أكّدت رفضه. كما مُنع من الوصول إلى مجموعة من الوظائف، حتى في القطاع الخاص، إذ تُمارس ضغوط على الشركات المغربية لثنيها عن توظيفه. هذه حالة واضحة من الانتقام والثأر، ومثال واحد على العديد من المدافعين/ات الآخرين/ات الذين يواجهون الأمر نفسه.
ومؤخرًا، يواجه امحمد حالي حملات تشهير شرسة تُسهّلها الحكومة المغربية. بعد رفضه من هيئة المحامين، سارعت السلطات المغربية إلى نشر القرار، مما أثار موجة من ردود الفعل العنيفة ضده من قِبل المغاربة الذين هددوا بقتله. ويرى امحمد حالي أن لهذه التحديات عواقب نفسية عميقة على المدافعين/ات الصحراويين/ات، رغم إصرارهم وإيمانهم بالقضية.
كيف يواصل امحمد حالي مسيرته في مواجهة كل هذه التهديدات؟ لماذا يُخاطر بحياته دفاعًا عن حقوق الإنسان؟ منذ صغره، شعر برغبة عارمة في التعبير عن الظلم الذي يراه يحدث من حوله.
دفعته تجربته الشخصية كصحراوي تحت الاحتلال إلى السعي وراء حقوق الإنسان. وُلد في مدينة العيون، أكبر المدن المحتلة، عام 1987، لعائلة مكونة من ثمانية أفراد. نشأ على قصص الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها السلطات المغربية ضد عائلته، والتي اختبرها بنفسه في صغره. على الرغم من ذلك، يقف امحمد حالي، والعديد من المدافعين/ات الصحراويين/ات الآخرين، بفخر دفاعًا عن ثقافتهم وأرضهم، متحملين كل ما يُفرض عليهم.
كصحراوي، خيارات التعليم العالي محدودة للغاية وتخضع لتقدير الحكومة. لذلك، عندما حان وقت الدراسة الجامعية، اضطر إلى الابتعاد عن عائلته، إلى مدينتي مراكش والرباط المغربيتين. درس العلاقات الدولية، وحصل في النهاية على درجة الدكتوراه في الدبلوماسية. ينسُب امحمد حالي الفضل في ترسيخ أفكاره حول ضرورة حقوق الإنسان واكتساب اعتراف دولي بقضايا حقوق الإنسان، مثل قضية الصحراويين، إلى تعليمه.
كما ينسب الفضل إلى دراسته الجامعية عام 2005 في إرساء أسس العمل الحقوقي المُلهم الذي يقوم به حاليًا. يُعاني الطلاب الصحراويون من مستويات عالية من التمييز في الجامعات المغربية، وكان امحمد حالي مُنظمًا رئيسيًا في حشد الطلاب الصحراويين للدفاع عن حقوقهم داخل الجامعات، وكذلك ضد الانتهاكات المتزامنة التي كانت تحدث في الوقت نفسه في الأراضي المحتلة.
في عام 2004، كثّفت السلطات المغربية اعتقالات واحتجازات المدافعين/ات عن حقوق الإنسان والناشطين/ات، مما أشعل فتيل انتفاضة. في هذه الفترة الحاسمة، عمل امحمد حالي مع زملائه النشطاء/ات على تأسيس رابطة حماية السجناء الصحراويين بالسجون المغربية، استجابةً للظروف الخطيرة للاعتقالات السياسية التي كان الصحراويون/ات يواجهونها.
"مع الزخم السياسي المصاحب للنزاع في الصحراء الغربية، ثمة ضرورة لا يمكن إنكارها في مجال حقوق الإنسان، إذ يجب على العالم أن يدافع عن أولئك الذين يعانون من قسوة هذا النزاع، إذا كنا نسعى حقًا إلى السلام والعدالة."
يقوم امحمد بهذا العمل لأنه يريد أن يرى العالم نضال الشعب الصحراوي ويسمع صوته.
"الحقيقة هي أنه طوال هذه التجربة المستمرة حتى الآن، ورغم أن هذا التحدي يعني مواجهة مباشرة مع السلطات المغربية التي تُتقن سياسة الانتقام، إلا أن دافعي الرئيسي كان الحاجة إلى محاسبة النظام المغربي على الانتهاكات المتكررة للحقوق التي يتعرض لها شعبي، لا سيما في ظل ضعف الوعي بحقوق الإنسان في المنطقة."
مهما كثرت الاعتقالات والضرب والتشهير أو غيرها من التحديات التي يواجهها امحمد، فإنه سيواصل تسليط الضوء على عشرات المعتقلين/ات السياسيين/ات الصحراويين/ات، وعلى استمرار الدولة المغربية في سياسة الاعتقال السياسي انتقامًا من النشطاء/ات والمدافعين/ات عن حقوق الإنسان الصحراويين/ات.

