Back to top
30 مارِس / آذار 2018

يَصُدُّونَ النَّارَ بالأَعلامِ

By Erin Kilbride

 المدافعون الفلسطينيون يصمدون أمام الإعتداءات العسكرية الإسرائيلية في يوم الأرض

بقلم: إيرن كيلبرايد

منذ ما يقرب من 24 ساعة والجيش الإسرائيلي يواصل هجماته العنيفه على عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يطالبون بعودة أراضيهم في غزة. 24 ساعة أم 70 عاما، أحسبوها كيفما شئتم.

لقد قُتل ما لا يقل عن 11 فلسطينيا وأصيب أكثر من 1,100 في موجة القمع بيوم الأرض الفلسطيني، 30 آذار / مارس، وهي ذكرى سنوية للمقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي والمشروع الاستعماري الاستيطاني. ووفقاً لبيان صدر عن الجيش الإسرائيلي ، فإن 17,000 فلسطينيا يحتجون في خمسة مواقع مختلفة على طول السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل - وتقول منظمات حقوق الإنسان إن العدد يقترب من 30,000. وقد أفاد مدافعو حقوق الإنسان في غزة أنه بالإضافة إلى الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع، أقدمت "إسرائيل" على إطلاق قذائف الدبابات على المتظاهرين السلميين.

"إن ادعاء الجيش بأنه كان 'يطلق النار على المحرضين الرئيسيين' بحد ذاته اعتراف صارخ واستمرار في الإستهداف المنتظم للمدافعين عن حقوق الإنسان وقادة الاحتجاج - أولئك الذين يدافعون سلمياً عن حرية تكوين الجمعيات والتجمع والتعبير وتقرير المصير"، كما عبر بذلك آدم شابيرو، رئيس الإتصالات والرؤية بفرونت لاين ديفندرز، مضيفا: "إن إطلاق النار المتعمد مع سبق الإصرار على النشطاء الفلسطينيين في غزة الذين يتظاهرون من أجل حقوق يضمنها لهم القانون الدولي، هو جريمة".

المصادرة الصارخة للأراضي الفلسطينية هي العماد الأساس الثابت في الدولة الإسرائيلية منذ تأسيسها. في هذا العام ، نظم المدافعون الفلسطينيون 45 يومًا من المقاومة بمناسبة مرور 70 عامًا على نكبة عام 1948 التي أجبر فيها أكثر من 700,000 فلسطيني على الخروج من منازلهم عنوة خلال هجوم إسرائيلي دموي على مئات القرى. في عام 1976، قُتل 6 مواطنين فلسطينيين غير مسلحين على أيدي القوات الإسرائيلية خلال احتجاجات خرجت ضد سرقة الأراضي. ومنذ ذلك الحين، يخرج المدافعون عن حقوق الإنسان ومجتمعاتهم في 30 آذار / مارس سنويا إحياء لذكرى عمليات القتل هذه في يوم الأرض الفلسطيني، مطالبين بإنهاء عقود من العنف أدت إلى تشتيت شعبهم في قارات الأرض وترك أكثر من 70 بالمائة من سكان غزة لاجئين.

قبل أحداث العنف التي بدأت صباح يوم الجمعة ، أفاد مدافعون فلسطينيون عن حملات تشهير واسعة النطاق ضد النشطاء الذين نظموا المظاهرات، وإغلاق منافذ إعلامية فلسطينية مستقلة، وإقدام فيسبوك وتويتر بإلغاء حسابات تابعة لمدافعين عن حقوق الإنسان في وسائل التواصل الإجتماعي. وقاد الجيش حملة تشهير واسعة النطاق تهدف إلى اتهام حركة حماس بقيادة مسيرة العودة الكبرى، في حين أنها تنظم بالتعاون بين منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المستقلين والعمال والمعلمين والطلاب والعائلات. قبل المسيرة، أفاد مدافعون عن حقوق الإنسان عن مخاوفهم من أن ترد "إسرائيل" على الحدث بعنف دموي أكبر يقابله صمت دولي بسبب تصويره كمناسبة عنيفة مرتبطة بحماس. وجاءت هذه المخاوف في محلها، حيث قامت "إسرائيل" قبل الاحتجاجات بنشر 100 قناص إضافي آخر من القوات الخاصة مع العديد من ألوية المشاة في المنطقة الحدودية. وكان جنرالات عسكريون قد أبلغوا مجلس وزراء الأمن الإسرائيلي مسبقا بإنه سوف تكون هناك إصابات فلسطينية. وتزامن مع ذلك قيام آلة العلاقات العامة ذات المليار دولار بإطلاق سلسلة من المعلومات المغالطة لتحديد هوية المسيرة مسبقا على أنها عنيفة وأن زعماءها من حماس.

هذه صورة لإحدى الدعايات  الإسرائيلية المغرضة بأن حركة حماس هي التي تقف وراء احتجاجات يوم الأرض

 

المفارقة المظلمة في هذه الحملة هي ذات شقين. أولاً، إن "إسرائيل" لا تنتظر أي حركة مقاومة إطلاقا حتى تستخدم العنف -الحقيقي أو المكذوب- لكي ترد عليها بقوة مميتة، إذ يقوم الجنود أسبوعيا بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والطلقات المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الارتجاج على المتظاهرين السلميين في فلسطين. ويتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان بانتظام لإطلاق النار والاعتداء والإعتقال والتعذيب. ففي أكتوبر / تشرين الأول ، أطلقت القوات الإسرائيلية أربعة قنابل مسيلة للدموع على المدافع عماد أبو شمسية أثناء طقس ديني سلمي بجنوب مدينة الخليل، فنجى منها. وفي مارس / آذار حاول مستوطن إسرائيلي دهسه بالسيارة. فلا يحتاج الجيش لإن يهدر الأموال لإقناع الناس بأن احتجاجات يوم الأرض كانت عنيفة، وبأمكان أي مهتم أن يعلم حقيقة ذلك: فالاعتداءات الفتاكة على المدنيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ليست بسبب الاحتجاجات العنيفة، بل هي من ديدن الدولة الإسرائيلية.

ثانياً ، الفكرة القائلة بأن ملايين الناس الذين يعيشون في سجن مفتوح كبير يحتاجون إلى حركة حماس لتحرضهم هي فكرة سخيفة. فقد ظلت مقاومة الاحتلال العسكري لفلسطين مستمرة لعدة عقود، على الرغم من الاعتداء العنيف -المميت غالبا- ضد المدافعين الذين قادوها. أحد القتلى اليوم هو الفنان المعروف في قطاع غزة، محمد أبو عمرو، الذي منح بالأمس وسام الهاشتاج لشهر مارس/آذار #مسيرة_العودة_الكبرى على شاطئ في غزة، وهو عبارة عملاقة بسيطة كتبت بالرمال #أنا_راجع، حيث أطلق عليه قناص إسرائيلي النار اليوم بينما كان يمشي بسلمية نحو السياج الحدودي.

مع استمرار المدافعين عن حقوق الإنسان في التنظيم والتوثيق والقيادة والمقاومة في غزة، لا يمكننا أن نسمح بإظهار نضالهم بأي شكل آخر غير ما هو عليه: وهو مطلب مطلق لا هوادة فيه ولا تراجع عنه لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الدموي لأرضهم. فهذه هي السنة السبعون على التوالي والفلسطينيون ِيجابهون النارَ بالأعلام.